Wednesday, March 11, 2015

دعوا الأطفال يأتون إلي

«دعوا الأطفال يأتون إلي»...

ليسَ السيد (المسيح) هو الوحيد الذي ينادي الأطفال أن يأتوا إليه؛ الموت أيضاً، ومجلس النواب اللبناني يدعوانهم إليهما ويفتحان ذراعيهما لاستقبالهم. بالطبع، لا قياسَ بين الدَّعْوَتين ولكن انعدامَ القياسِ لا يُعْدِمُ العلاقة بينهما، علماً أنَّ العلاقة هذه قد لا تكون أقل من سببية بالمعنى الحرفي للكلمة. شأنَ الرّاشدين، ليس كلُّ مَنْ يُقْتَلُ «تحت السن» بمستحق، ولو على سبيل المجاملة، لرتبة «شهيد» أو «شهيدة». لا بد للطفل/الطفلة، لئلا يُبْتَذَل ويُجْمَل في عداد «الضحايا الأبرياء»، أو في عداد «الشهداء لساعة» ــ ساعة التشييع ــ من نَسَبٍ يُؤَهّلُهُ لنيل هذه المرتبة. وفي هذا المقام، كل شيء بحُسْبان، وما يسري على عبدالله بن الحسين، هو ما يسري، قياساً مع الفارق، على عدد من الأطفال الشهداء اللبنانيين: استحقاق لقب شهيد، قبل سن التكليف، ثم الاحتفاظ باللقب، ليس بالأمر الميسور لكل طفل/لة. لا بد له/لها من استيفاء مواصفات معينة. على سبيل المثال:

- أن يزيد مقتل الطفل/الطفلة المعنيّ من رصيد تضحيات الوالد/ة (بشير الجميل)؛

- أن يُضفي مقتل الطفل/الطفلة على مقتل الوالد، في حال قتل الاثنان معاً، قيمة تضحية مضافة؛ (السيد عباس الموسوي)؛

- أن يُضَيّعَ الموت على الطفل/الطفلة القتيل «مستقبلاً» ما، أو احتمال «مستقبل» ما؛ (طارق وجوليان داني شمعون علماً أنَّ هذا السيناريو، لا سيما من خلال المِثال المَسوق، يُبرز  التّقاطع بينه وبين السيناريوهين السابقين).

مقدارَ ما تبدو العلاقةُ بين الطفولة والشهادة محفوفةً بالشروط، فإن العلاقة بين «الطفولة» و«النيابة»، أو سواها من المناصب، قد تبدو سببية انسيابية مُسْتَنَدُها حقُّ شُفْعةٍ مكتوبٌ لوريثٍ بعينه، دون ورثة آخرين، بدم المُوَرّث ــ سيان دمه السياسي أو دمه المَسيل قتلاً.


نقول «قد تبدو» لأن الأمر ليس كذلك تماماً، وحق الشفعة هذا ليس مكتوباً، في لوح محفوظ، لوريث بعينه: لا بد للطفل، لكي يتبوأ مقعده من البرلمان أو من سواه، أن يُسَمّى من «العائلة» ــ  و«العائلة»، هنا، كناية مُكَنّاة عن كل من لهم رأي في التَّرِكَة المعنية ــ سواء من الأسرة القريبة، أو من الحزب الذي انتمى إليه المورث، أو من التيار السياسي الذي كان من المعدودين من عداده لحظة انتقاله إلى الرفيق الأعلى. ثمَّ إنَّ النيابةَ المبكرة ليست دوماً صِنْوَ الطفولةِ الوريثة. يتفق للوريث أحياناً أن يُضطر إلى التحلّي بالصبر ريثما يَقْضي أحدُ أفرادِ العائلة حاجَتَه من المقعد المذكور... وهكذا هكذا، وعليه قِس... [يتبع].

No comments:

Post a Comment