1975 ــ 2015 فصاعداً
من حضر السوق باع واشترى...
تبدأ حياة
«الشهيد» مع الملصق الذي يُشْهِر على الملأ التحاقه بالرّكب السائر إلى الخلود
والعُلى، ــ ويمكن، في حالة «شهيد الإيكونومي»، أن تَنْتَهي هنا!
ولـ «هنا»، هوامشُ
من قبيل المجلّة الحزبيّة التي قد تُعيدُ نشر الملصق أو تخصّ «الشهيد» بمرثيّة
بقلم أحد الرفاق. أما الأحزاب والتنظيمات «الجادّة» فلا تَدَعُ «الشهداء» يرتاحونَ
بل تتابع تدويرهم بلا كلالة ولا هوادة. ولتدوير الشهداء أشكالٌ لها أول ولا آخر
لها: أقل التدوير أن يُحْصى «الشهداء» في كتاب يجمع بين دفتيه من سقط منهم خلال
فترة زمنية معينة، أو من سقط منهم في معركة مسماة، أما إذا كان الحزبُ أو التنظيم
دولةً أو مشروع دولة فلقد يُنشئ مؤسسة ترعى «الشهداء» (وعوائلهم)، وقد يُخَصَّص
على الإذاعة الناطقة باسمه، أو القناة التلفزيونية برنامجاً يومياً أو أسبوعياً
يستعرض أسماء من سقط منهم في ذلك اليوم/الأسبوع وسيرهم وهكذا. أما في عصر
الإنترنت، فأقل الوفاء لـ «الشهيد» أن تبادر سرايا الإعلام الإلكتروني، أو الإعلام
المركزي أو عمدة الإعلام أو ما شاكل التابعة لهذا الحزب أو ذاك إلى إنشاء صفحة على
الفيس بوك لشهيد قائد أو لمجموعة من الشهداء كما يحدث أن يُخَلّدَ الشهيد، ليوم
وليلة، من خلال هاشتاغ تطلقه السرايا تلك أو أحد الإخوان أو الرفاق.
بيت القصيد أن
«الشهيد» لا يموت طالما أمْكَنَ تسييله وطالما وجِدَ مَنْ يعمل على ذلك، أي مَنْ
يَسْتَثمرُ فيه لغاياتٍ في نَفْسِهِ يُمْكِنُ الشهيدَ ألّا يَفْقَهَ منها شيئاً
على الإطلاق، أي من يجدد قيمته الشرائية.


(*) مع
مراعاة عدم الخلط بينهم وبين «الشهداء الأحياء» بالمعنى المجازي أي اولئك الذين
أوشكوا على «الشهادة» لولا أن لُطِفَ بهم... على كره منهم أحياناً.
No comments:
Post a Comment