Tuesday, March 3, 2015

عن «داعش» الإيراني... وعن العراق أيضاً

حازم الأمين

(نقلاً عن صحيفة الحياة)

ينما العالم منشغل بـ «داعش»، وبالمستوى المشهدي غير المسبوق الذي بلغته جريمته، أصدرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» تقريراً عن ممارسات الميليشيات الموالية لإيران في العراق، مثل «عصائب أهل الحق» و»كتيبة بدر» ومجموعات «أبو فضل العباس»، وكشف التقرير الموثق بشهادات ضحايا ومسؤولين عراقيين حكوميين وشهود، بالإضافة إلى أشرطة فيديو ومعاينات لجثث ومقابر جماعية، أننا حيال «داعش» موازٍ.

في التقرير، وردت معلومات موثقة عن عمليات إحراق مساجين وإعدام فتية والتمثيل بجثث. وأرقام الضحايا في منطقة معينة مئات، يبلغ تكرارها في المناطق آلافاً. أما المناطق التي شهدت هذه الانتهاكات، فورد في تقرير المنظمة الدولية عنها ما حرفيته: «وثقت هيومن رايتس ووتش خمس مذابح لسجناء في الموصل وتلعفر وبعقوبة وجمرخي وراوة. وفي كل هجمة، كانت أقوال الشهود تشير إلى قيام جنود من الجيش أو الشرطة العراقيين أو من ميليشيات شيعية موالية للحكومة، بإعدام السجناء عبر إطلاق الرصاص، وفي حالة واحدة قام القتلة بإشعال النار بعشرات من السجناء، وفي حالتين ألقوا قنابل يدوية داخل الزنازين».

ليست «هيومن رايتس ووتش» وحدها من وثّق هذه الجرائم. «نيويورك تايمز» أيضاً نشرت تحقيقاً عن هذه الممارسات كانت سبقت فيه «هيومن رايتس ووتش»، وكذلك فعلت شبكة «سي أن أن» الإخبارية.

والحال أن جرائم الميليشيات الموالية لإيران، سبق بعضها سقوط الموصل بيد «داعش»، وأعقب بعضها هذا الزلزال. ولهذا التعاقب الزمني وظيفة في تفسير أشكال العنف العراقي المتبادل. فمسؤولية إيران عن ولادة «داعش»، لا تقل عن مسؤولية حزب البعث، ولا عن «السلفية الجهادية» التي غزت وجدان «أهل السنة» منذ عقد ونيف. لكن ما يُثير الحيرة فعلاً، أن ما وثّقه العالم في السنتين المنصرمتين، سواء في العراق أو في سورية، هو جرائم «داعش»، في حين لم تُثمر عمليات رصد الجرائم الموازية، إنتاج رأي عام يشعر بأن هذه الجرائم بلغت مستويات تقتضي التبصّر فيها، أو التصدّي لها.

وهذا علماً بوجود فارق بين جريمة «داعش» وجريمة الميليشيات العراقية الموالية لإيران. ذاك أن الأول أفقه الجريمة فقط، أي أن حدود الجريمة المرتكبة هي الجريمة نفسها، وهي صورته ووقع الصورة، وهذا ليس فعلاً سياسياً، وإن كان سياسياً فوظيفته إقفال الأفق أمام السياسة. أما الميليشيات الموالية لإيران، فللجريمة التي ترتكبها وظيفة سياسية موازية، وهي إحداث تغيير ديموغرافي يتم عبره رسم خريطة مختلفة للعراق. فإرسال ميليشيا «الحشد الشعبي» إلى محافظة ديالى، أحدث عملية نزوح كبرى للعراقيين السنّة في هذه المحافظة. وهذا نوع من الترانسفير الذي يتيح فتح الطريق من الحدود الإيرانية إلى العاصمة بغداد من دون عوائق «سنية». والترانسفير ذاك يلبي أيضاً وظيفة ثانية، فيؤمّن طريق قوافل الدعم الإيراني إلى النظام في سورية.
في محيط بغداد، تجري عمليات مشابهة، ذاك أن بغداد محاصرة بالسكن السني من جهاتها كافة، واليوم تجري محاولات لتغيير هذا الواقع عبر الميليشيات نفسها.


إضغط هنا للاطلاع على النص الكامل

No comments:

Post a Comment