Wednesday, March 11, 2015


الذين ثَـكِلَتْهم أمَّهاتُهم


على ذمة المباركفوري في تحفة الأحوذي بشرح الترمذي في تفسير «ثكلتك أمّك»: «ثكلتك بكسر الكاف أي فقدتك وهو دعاء عليه بالموت على ظاهره ولا يراد وقوعه بل هو تأديب وتنبيه من الغفلة وتعجيب وتعظيم للأمر».

لعلَّه أن يكون كذلك غير أنَّ الثلاثةَ هؤلاء، وثلاثات ألوف غيرهم، ثكلتهم أمهاتهم عن حق وحقيق ولم يبكهم أحد، هنا على الأقل، كأنهم لم يموتوا، بل كأنهم لم يموتوا في سبيل قضايا «مُحِقّة»!

أليم دسيزا، «العاملة الأثيوبية الشهيرة»، انتحرت في 14 آذار 2012، الذكرى السابعة على «ثورة الأرز»، أما الجندي الإسباني فرانشيسكو صوريا فقتل بنيران ما تزال مجهولة المصدر خلال مباراة الإياب بين حزب الله والقوات الإسرائيلية في مزارع شبعا (28 كانون الثاني 2015)، في حين أن حمار المتين فدى بما عُذّبَهَ على أيدي لبنانيين، داعِشِيين في ساعات الفراغ، لبنانيين آخرين كان اللبنانيون الداعشيون يشتاقون إلى التمثيل بهم أحياءً وأمواتاً.

قد لا يخلو أن يمتطي أحدهم، باسم حقوق الإنسان أو حقوق الحيوان، ظهر «الخادمة» أو «الإسباني» أو «الحمار»، وأن يُطالب باسم «الظلم بالسَّوِيَّة» أن تَنْزِل مقاتِلُهم منزلةَ الشهادات المؤهلة لنيل رتبة «الشهادة»، وقد يفلح هذا الأحد في مسعاه فيُجَلّل مطاياه بجلال الشهادة ــ قد يكون ذلك، ولكن يبقى أن هؤلاء الثلاثة، بأقلِّ ضجيج، وبأبخَسِ الأثمان، يتفوَّقون على «الشّهداء»: أمهاتُهُم ثَكِلَتهم كما يَليقُ بالأمّهات أن يَثْكَلْنَ، لا جميلاتٍ ولا مُنْتَظِرات...

No comments:

Post a Comment