Thursday, February 19, 2015

"شاعرية" السيد

إيلي القصيفي

(نقلاً عن صحيفة المدن الالكترونية)

ليس بين السياسيين اللبنانيين من يستطيع أن يفاجئنا مثل السيد حسن نصرالله. حديث الرئيس سعد الحريري السبت الماضي في ذكرى الرئيس رفيق الحريري لم يحمل مفاجآت، باستثناء البدء بتأكيد الوفاء للمملكة العربية السعودية عوض البدء بكلمة من وحي الذكرى. لكن ذلك لا يعد مفاجأة قياساً إلى مفاجآت نصرالله وكان آخرها دعوته اللبنانيين في خطابه الإثنين الماضي، إلى "الذهاب معاً إلى سوريا والعراق، وإلى أي مكان نواجه فيه تهديد داعش، لأننا بذلك ندافع عن لبنان".

صحيح أنّ نصرالله دعا ماضياً خصومه اللبنانيين إلى الذهاب لمقاتلة حزب الله في سوريا وترك لبنان آمنا، لكن دعوته إلى "القتال سويا في سوريا" أكثر غرابة و"استثنائية" من الدعوة الأولى بما لا يقاس. في دعوته الجديدة شطح السيد حسن أكثر لدرجة حسبنا أن كلامه ليس سياسةً بل شعراً. فوحده الشعر ينقلنا في لحظة، وعلى نحو مفاجئ، من مستوى ومنطق إلى مستوى ومنطق آخرين، من الواقع إلى الخيال. لكن ليت لكلام السيد تداعيات الشعر!

أن يدعو السيد خصومه لقتاله في سوريا فهو بذلك لا يلغي الانقسام القائم حول سلاحه. يطوره ويوسع مجالاته لكنّه لا يلغيه. بهذا المعنى تشكل دعوته الأخيرة إنقلاباً على دعوته الأولى. فهي تتجاوز الخلاف على سلاح حزب الله ودوره وتعتبره ثانوياً أمام تهديد "داعش" الذي يدعو السيد اللبنانيين إلى "الذهاب معاً إلى سوريا، وإلى أي مكان نواجه فيه هذا التهديد". أو هي، وهذا أخطر أو أدهى، تدعو الجميع إلى الاعتراف بدور هذا السلاح الإقليمي حتى في حماية مكة والمدينة، أي بكلام آخر هي تدعوهم إلى الإستسلام له.

طبعاً دعوة السيّد ليست موجهة إلى "القوات اللبنانية" ولا حتى إلى "الحزب التقدمي الاشتراكي"، بل إلى "تيار المستقبل" أولاً. فقد كان السيد واضحاً في قوله إن المعركة ضد "داعش" هي معركة الدفاع عن الإسلام، "ونحن نعتبر أنفسنا ندافع عن الإسلام بكامله". واضحٌ أنّ نصرالله يريد إسباغ شرعية إسلامية على قتاله في سوريا والعراق، وهذا لم يرد في خطابات السيد السابقة، أو لم يرد بهذا الوضوح، حيث كان الحديث يتركز عن الدفاع عن المقاومة في سوريا وغيرها و"حيث يجب أن نكون". وهذا يدّل أولاً إلى الخلاف الإسلامي حول سلاح الحزب وقتاله في سوريا وليس العكس.


إضغط هنا للاطلاع على النص الكامل

No comments:

Post a Comment